الأربعاء، 9 أغسطس 2017

أوراق الربيع (21) الأزمة الخليجية.. أصولها وفصولها (2) محمد الشنقيطي

أشرنا في المقال الأول إلى انتقال معسكر الثورة المضادة العربية وظهيرها الدولي -الظاهر والمستتر- من محاولة تغيير السياسات إلى محاولة تغيير القيادات في المعسكر المقابل، ورأينا كيف فشل ذلك المسعى في تركيا خلال المحاولة الانقلابية العام الماضي. فما الذي كانت الثورة المضادة تحاول تحقيقه في قطر؟ وبأي وسيلة؟ بقدر ما تسمح المعلومات الشحيحة التي يمكن الاطمئنان إليها فإن خطة الانقلاب الناعم في قطر كانت تعتمد على مسارات تصاعدية أربعة، نوردها هنا على الترتيب:
أولا: دفق من الأراجيف والأكاذيب الإعلامية المكثَّفة التي بدأت باختراق موقع وكالة الأنباء القطرية. وغاية هذه الأراجيف والأكاذيب هي تهيئة الرأي العام في قطر وفي الإقليم والعالم لما يأتي، وإضفاء الشرعية عليه، فهي بمنزلة القصف الممهِّد للاقتحام في الحروب، لكنه قصف بالكلمة الكاذبة والصورة المفبركة.
ثانيا: حصار اقتصادي خانق ومفاجئ في شهر رمضان يؤدي -حسب تقديرات الدول المحاصِرة- إلى تذمُّر عميق في مجتمع اعتاد حياة الوفرة والرخاء، وهو ما افترض المحاصرون أنه سيقود إلى تململ واضطراب اجتماعي، وسيضطر القيادة القطرية إلى البحث عن أي مخرج، ولو على حساب سيادتها واستقلال قرارها. 
ثالثا: تسريب عناصر عسكرية وشبه عسكرية بثياب مدنية من دول الجوار إلى داخل قطر -عبر البر والبحر- لافتعال أحداث أمنية خطيرة تُفقد القطريين الثقة في أمن بلدهم، وتدفع المقيمين إلى بدء النزوح خارج قطر لأسباب أمنية، وتضع القيادة القطرية في وضع لا تُحسد عليه، وهو الخضوع لأهواء المحاصِرين، أو الفشل السياسي والانهيار الاقتصادي.
رابعا: إعلان السعودية أن قطر في خطر، وأن التدخل الخليجي أصبح متعينا، بدوافع "الأخوَّة والجوار"! لإنقاذ قطر من "الفتنة والفوضى"! وصيانة أمن الخليج. ثم يتم الدفع بقوات سعودية وإماراتية وقوات مرتزقة عبر الحدود القطرية، لكن تحت راية "درع الجزيرة" لتكون غطاء لانقلاب في قطر، يزيح القيادة القطرية الحالية، ويضع مكانها قيادة تابعة للسعودية والإمارات. 
وهكذا أرادت السعودية أن تكرر في قطر سيناريو التدخل العسكري في البحرين، لكن هذه المرة بعد اضطراب اجتماعي وأمني تفتعله السعودية ذاتها في قطر، وليس بناء على اضطراب حقيقي ناتج عن مظالم اجتماعية كما كان الحال في البحرين. كانت الخطة في غاية الطموح، لكنها كانت في غاية البلادة السياسية والإستراتيجية في الوقت ذاته، فهي مبنية على جهل بعناصر القوة الكامنة في الداخل القطري، وعلى بلاهة سياسية في فهم تداخل المصالح الإقليمية والدولية ذات الصلة بقطر. 
يدرك الأتراك أن القوى التي تستهدف قطر اليوم هي ذاتها التي استهدفت تركيا العام الماضي، وسعت إلى القضاء على ديمقراطيتها ونهضتها.

الجزيرة

أما الداخل القطري فهو يتسم بالكثير من الانسجام السياسي والاجتماعي، بفضل سياسات التنمية والبناء الناجحة التي قفزت بحياة القطريين أشواطا بعيدة إلى الأمام خلال العقدين الأخيرين، ومنحتْهم الأمل في المستقبل، والإحساس بالقيادة والريادة في المنطقة، وأهم عناصر قوة الدولة هو هذا الانسجام بين إرادة الحاكم والمحكوم كما يقول الفيلسوف الألماني هيجل. كما أن تنويع قطر لعلاقاتها الاقتصادية والسياسية في أميركا وأوروبا وآسيا، والمكانة المعنوية التي اكتسبتها لدى الشعوب العربية وفي العالم -بحسن استخدام قوَّتها الناعمة- منَحاها مناعة داخلية أكبر بكثير مما ظنَّ المحاصرون. كما أن قطر -على صِغر حجمها الجغرافي والديمغرافي- دولة فتيَّة ديناميكية، تتسم بمرونة عالية، وتستطيع التعامل مع الأزمات، وهو ما لم يضعه المحاصِرون في الحسبان.
وأما تداخل العلائق والمصالح الإقليمية والدولية في قطر فكان جهلُ قيادات السعودية والإمارات في شأنه أكبرَ وأخطرَ. لقد اطمأنت قيادات دول القطيعة أنها بالحصول على ترخيص لبضعة أيام من الرئيس الأميركي دونالد ترامب تستطيع العبث بخرائط المنطقة، وقلب المعادلات الإستراتيجية فيها رأسا على عقب، متجاهلة كل القوى الإقليمية والدولية الأخرى، وكأنها تتحرك في فراغ، ولم تدرك تلك القيادات البلهاء أن مزاجية ترامب ليست هي التي تدار بها الأمور في واشنطن، وأن المؤسسات الأميركية ذات العمق والتمرُّس بشؤون المنطقة (مثل وزارتي الخارجية والدفاع) لن تترك الأمور تَسِير على أعنَّتها، ولن تسمح لترامب بتسيير الأمور على مزاجه لوقت طويل. 
لقد كان في وسع ترمب أن ينساق مع قادة دول القطيعة بشيء من الترخيص الضمني والتفهم المحدود لأهوائهم لبضعة أيام فقط، وحتى بشيء من التحريض الصريح والإثارة، وقد فعل ذلك في تغريداته وتهريجاته الإعلامية الأخرى بداية الأزمة، لكنه ما كان يستطيع الاستمرار في هذا النهج مع وجود مؤسسات الدولة الأميركية العريقة التي تدرك المعادلات الإستراتيجية في المنطقة والمصالح الأميركية فيها بأفضل مما يدركه ترامب. كما لم تدرك قيادات دول القطيعة -المتعلقة بأميركا تعلقا وثنيا- أن أميركا ليست القوة العظمى الوحيدة في العالم، ولا القوة الدولية الوحيدة ذات المصلحة الإستراتيجية الحيوية في قطر وفي الخليج، لذلك لم تحسب دول الحصار حسابا للمواقف الأوروبية والروسية واليابانية والصينية، وغيرها من المواقف الدولية التي جاءت في صالح قطر. 
ويبقى الخطأ الإستراتيجي الأكبر وسوء التقدير الأخطر لدى قيادات دول القطيعة هو عدم تقديرها لأهمية القوى الإقليمية، وعجزها عن التنبؤ بالاستجابة الطبيعية المتوقعة من جهة كل تركيا وإيران لأي عدوان على قطر. أما تركيا فهي تدرك بعمق أن المستهدف ليس قطر في ذاتها، بل شعوب المنطقة وحريتها واستقرارها ونهضتها المستقبلية، وعناصر القوة الكامنة في الأمة الإسلامية بشكل عام. كما يدرك الأتراك أن القوى التي تستهدف قطر اليوم هي ذاتها التي استهدفت تركيا العام الماضي، وسعت إلى القضاء على ديمقراطيتها ونهضتها، وأن الإعلام الذي يحرض على قطر اليوم هو ذاته الإعلام الذي شمتَ بتركيا أمس أثناء جريمة الانقلاب الفاشل، حتى إن مذيعة في قناة "العربية" التي تبث من أبو ظبي بتمويل سعودي قالت على الهواء مباشرة: "إن الانقلاب فشل مع الأسف"!!
تجربة الاتحاد الأوروبي تدل على أن الدول ذات الفضاء الحضاري الواحد تصلح نواة صُلبة لحلف إستراتيجي قوي، دون أن تنطق شعوبها بلسان واحد أو تنتمي إلى عرق واحد.

الجزيرة

وأخيرا يدرك الأتراك وقوف تركيا إلى جانب قطر وتحولها جزءا عضويا من المعادلة الإستراتيجية الخليجية سيفيد تركيا كثيرا من الناحيتين الاقتصادية والإستراتيجية، فتركيا تحتاج إلى الغاز القطري لتنويع مصادر طاقتها بدل الاستئسار للغاز الروسي حصرا، وهو أمر قيَّد يديها وأضعف سياستها الخارجية في سوريا والعراق ومناطق أخرى، كما تحتاج تركيا إلى السوق القطري الذي أضاعتْه السعودية والإمارات، وهو سوق حيوي يملك فائضا نقديا كبيرا، فضلا عن أن دعم قطر يمنح تركيا نفوذا إقليميا في هذه المنطقة التي تتلاقى فيها خيوط لعبة الأمم، وتتنازعها القوى الكبرى. 
وتركيا أولى بالنفوذ في هذه المنطقة من غيرها، فالأتراك مسلمون حكموا العالم الإسلامي ثمانمئة وخمسين عاما، وتربطهم بأهل الجزيرة العربية روابط الدين والثقافة والتاريخ والجغرافيا، والجنود الأتراك العثمانيون لم يخرجوا من الجزيرة العربية إلا منذ مئة عام فقط، أي خلال الحرب العالمية الأولى، وقد عاد الجنود الأتراك إلى الجزيرة العربية اليوم فيما يشبه دورة تاريخية جديدة تعيد فيها الأمة الإسلامية لُحْمتها، وتجدِّد وحدتها. ولا شك أن القوة التركية المسلمة أولى بالنفوذ في العالم العربي من القوى الاستعمارية الأميركية والبريطانية والفرنسية والروسية التي لا تربطها بأهل المنطقة رابطة.
وعلى خلاف ما يذهب إليه قوميون عرب وأتراك من التوجس والريبة من بعضهم البعض، استئسارا لذاكرة التمايز بين قوميات الإمبراطورية العثمانية مطلعَ القرن العشرين، فإن تجربة الاتحاد الأوروبي تدل على أن الدول ذات الفضاء الحضاري الواحد تصلح نواة صُلبة لحلف إستراتيجي قوي، دون أن تنطق شعوبها بلسان واحد أو تنتمي إلى عرق واحد، فما يجمع بين العرب والأتراك أكبرُ بكثير مما يجمع بين الفرنسيين والألمان والإيطاليين.. إلخ.
إن الموقف التركي الحازم الذي تُرجم إلى تفعيل القاعدة العسكرية التركية في قطر هو الذي ألجم مغامرات المغامرين، وأنقذ الأزمة الخليجية من الانزلاق إلى مسارات خطيرة لا تخدم أيا من دول المنطقة، وليس من ريب أن الحضور العسكري التركي مفيد لاستقرار منطقة الخليج بأسرها، وتحصينها ضد المغامرات والمجازفات السيئة، وقد عاشت هذه المنطقة كارثة اجتياح العراق للكويت التي لا تزال جراحها مفتوحة وآثارها باقية بعد أعوام مديدة.
اطمأنت قيادات دول القطيعة أنها بالحصول على ترخيص لبضعة أيام من الرئيس الأميركي دونالد ترمب تستطيع العبث بخرائط المنطقة، وقلب المعادلات الإستراتيجية فيها رأسا على عقب.

رويترز

وفي حالة قطر تحديدا فهي بمنطق الجغرافيا السياسية دولة صغيرة وضَعَها قدَرُها الجغرافي بين عملاقين إقليميين تتسم سياستهما بالكثير من المجازفة وعدم الحكمة، وهما السعودية وإيران، وكانت قطر دائما تداري كلا من الدولتين بالأخرى، وتحافظ على علاقة معقولة مع كل منهما تجنبا لشر الأخرى، وقد بينت الأزمة الأخيرة أن السعودية بسياستها الفاقدة للرؤية والبصيرة والعقلانية أخطرُ على قطر من إيران، وتلك مفارقة كبرى ما كان أحد يحسب لها حسابا.
ثم إن لدى قطر سياسات مبدئية داعمة لحركة الشعوب كما هو شأن تركيا، وهذا ما أسخط غالبية الحكام المستبدين في العالم العربي على القيادتين القطرية والتركية، فدخول قوة إقليمية ثالثة مثل تركيا، تتسم بالرويَّة والحاسَّة الدبلوماسية، وتملك القوة العسكرية الضاربة في الوقت ذاته، مفيد لإقناع السعودية وإيران باتباع سياسات إقليمية أكثر عقلانية وأقل تصادمية.
وربما سرَّعت الأزمة الخليجية مسارا تاريخيا كان في طريقه إلى التبلور، وهو تصدُّر تركيا في قيادة العالم الإسلامي، ولعل فيلسوف السياسة الأميركي صمويل هنتغتون على حق حين لاحظ أن أزمة العالم الإسلامي اليوم ترجع إلى عدم وجود دولة محورية تضبط خلافاته الداخلية، وتوفر له الحماية من العدوان الخارجي، وتمثله بين القوى العالمية، وأن عدم وجود هذه الدولة المحورية مصدر ضعف في المجتمعات الإسلامية، ومصدر خطر على المجتمعات الأخرى. وهذا الانكشاف الإستراتيجي في العالم الإسلامي الذي لاحظه هنتيغتون هو الذي فتح الباب لجماعات السلفية الفوضوية -مثل "داعش" و"القاعدة"- لحمل راية الدفاع عن المسلمين، ولو حملت الراية دول قوية مسؤولة لما وُجد الفراغ الذي يجعل الجماعات الإرهابية الفوضوية تظهر أصلا.
كما أن هنتغتون على حق في قوله إن تركيا هي الدولة الإسلامية الوحيدة المؤهَّلة للعب دور "الدولة المحورية" في العالم الإسلامي اليوم. ولعل الأزمة الخليجية الحالية بجذْبها تركيا لتتصدر المشهد تقرِّب المنطقة من حالة الانضباط، وتُبعدها عن حالة التسيب، وكلما اتسمت تركيا بالشجاعة والجرأة في التعامل مع القضايا الملتهبة في المنطقة، ووقفت إلى جانب الشعوب في سعيها إلى الحرية والكرامة الإنسانية، فإن هذا سيجعل الشعوب العربية تقف مع تركيا، وتتحول عمقا إستراتيجيا لها. صحيح أن بعض الأنظمة العربية المساندة للثورة المضادة ليست مرتاحة من تعلق الشعوب العربية بالنموذج التركي، لكن الشعوب أقوى وأبقى من الأنظمة. كما أن القوى الدولية العاقلة المرتبطة بالمنطقة برباط وثيق ستجد في الحضور التركي سندا لتكييف مصالحها مع عصر الشعوب على المدى البعيد، بدل الاستمرار في المراهنة على حكام مستبدين تمقُتهم شعوبهم.
وأما إيران فهي القوة الإقليمية الأخرى التي لم تحسب السعودية والإمارات حسابا لردة فعلها على حصار قطر، فقرأت الدولتان ذلك قراءة خاطئة ضمن القراءات البلهاء للمعادلات الإقليمية والدولية التي تبنَّتها الدولتان. فرغم الخلافات العميقة بين إيران وقطر في ملفات إقليمية ملتهبة -ومنها الملف السوري والعراقي واليمني- والخلاف المذهبي بينهما كطرفين متقابلين في الصراع السني الشيعي، فإن الدولتين حافظتا على علاقات عمل ومصالح مشتركة فرضَها عليهما منطق الجغرافيا الذي لا يرحم.
اتَّسم موقف السعودية بالبلاهة السياسية، وتضييع الفرص، وتبديد الإمكان. فما أسْعدَ إيران بعدوّ مثل السعودية يعاديها بالأقوال ويخدمها بالأفعال!

الجزيرة
وأهم هذه المصالح اشتراك إيران وقطر في مِلْكية أكبر حقل غاز في العالم، وهو الحقل الممتد تحت المياه الإقليمية للدولتين في الخليج، والمعروف قطريا باسم "حقل القبة الشمالية"، وإيرانيا باسم "حقل فارس الجنوبي"، وتراعي كل من إيران وقطر حسن الجوار في هذه المسألة، تجنُّبا لأيِّ خصومة حول هذه المورد الإستراتيجي الحيوي لكل منهما، ومن الطبيعي أن تحرص الدولتان على علاقات معقولة -رغم الخلافات العميقة بين سياساتهما الخارجية- بسبب حاجتها إلى هذا الكنز الدفين تحت الخليج الذي حكم القدَر الجغرافي أن يكون مشتركا بينهما.
فلدى إيران دوافع مركَّبة ومتعددة للوقوف إلى جانب قطر في أي صراع مع السعودية، منها الدافع الاقتصادي، حيث ليس من الوارد أن تترك إيران حقل الغاز المشترك بينها وبين قطر يقع بيد السعودية، أو تحت سلطة قَطَرية تسير سيرا أعمى في الفلك السعودي، ومنها الدافع الإستراتيجي، حيث تحرص إيران أن لا يتوسع النفوذ السعودي على الضفة الغربية من الخليج بطريقة تحجِّم النفوذ الإيراني، خصوصا بعدما رأت إيران التدخل العسكري السعودي في البحرين، ومنها الدافع الأيديولوجي الذي جعل كلا من إيران والسعودية تميل إلى مناقضة المواقف والخيارات التي تتخذها الدولة الأخرى بشكل تلقائي تقريبا.
اتَّسم الموقف الإيراني الداعم لقطر والمتناسي لكل خلاف سابق معها بالمرونة السياسية، والذكاء الشديد، والقدرة الفائقة على استثمار الفرص لتحسين ظروف إيران الإستراتيجية.
"وتشير معلومات يمكن الاطمئنان إليها إلى أن إيران أرسلت رسائل صريحة للدول الكبرى مع بداية الأزمة مفادها أن أي تدخل عسكري سعودي في قطر سيترتب عليه تدخل عسكري إيراني على الضفة الغربية للخليج واحتراق المنطقة برمتها، وهو تهديد أخذته القوى الدولية على محمل الجد. كما تشير معلومات أخرى يمكن الاطمئنان إليها إلى أن الإيرانيين حضوا الأتراك على جلب قواتهم إلى قطر، واستعجلوهم في ذلك، ليكونوا مُنقذا للجميع من حرب خرقاء توشك دول الحصار أن تقود إليها المنطقة.
وقد جنت إيران من الأزمة الخليجية ثمرات عظيمة، منها الحصول على فرصة لإعادة تأهيل نفسها في المنطقة بعد أن كانت سمعتها في الحضيض بسبب الفظائع التي تورطت فيها في العراق وسوريا، ومنها فتح السوق القطري أمام البضائع الإيرانية وما يترتب على ذلك من مكاسب مالية، ومنها اضطرار القطريين والأتراك إلى التقارب مع إيران تحت ضغط الحاجة الإستراتيجية وبسبب موقع إيران الجغرافي الذي هو اليوم أوسع منفذ على العالم أمام قطر بعد أن حاصرها الأشقاء الجيران!!
وبقدر ما اتَّسم الموقف الإيراني الداعم لقطر والمتناسي لكل خلاف سابق معها بالمرونة السياسية، والذكاء الشديد، والقدرة الفائقة على استثمار الفرص لتحسين ظروف إيران الإستراتيجية، اتَّسم موقف السعودية بالبلاهة السياسية، وتضييع الفرص، وتبديد الإمكان. فما أسْعدَ إيران بعدوّ مثل السعودية يعاديها بالأقوال ويخدمها بالأفعال، ويقدِّم لها خدمات إستراتيجية جليلة كل يوم بسوء تقديره وبلاهته السياسية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق