الثلاثاء، 12 سبتمبر 2017

الدقني... التراث الإماراتي الأكثر جرأة


خالد الجناحي

خالد الجناحي من الدمام: لم ينفك الإماراتيون قبل أكثر من عام ونصف عن الحديث حول رقصة (دقني) الشهيرة التي تؤدى في أغاني عرفت باسم (أغاني المعلاية)، وكثر الجدل حول الأغنية ورقصتها في كتاباتهم عبر منتديات الانترنت، قاصدين محاربة الرقصة وساعين وراء انتشال التراث الفني الإماراتي من ما أسموه في بعض الكتابات بـ "وحل الفن الهابط"، كونها رقصة تحمل جملة من الإيحاءات الجنسية التي يؤديها في الغالب فئة من المجتمع لا تخشى الإنتقاد.
 وقد انتشرت رقصات الـ (معلاية) أو (دقني) في مختلف دول الخليج بشكل واسع قبل نحو عامين تحملها مقاطع فيديو قصيرة عبر تقنية البلوتوث في الهواتف المحمولة ومنتديات الانترنت وهو ما ساعد على انتشارها والتعريف بها بشكل واسع.
 وتعتمد رقصة (دقني) على تحريك (مؤخرة) الراقصة أو الراقص في حركتي الإرتفاع والإنخفاض وأحيانا يتنافس أكثر من راقص بتحريك مؤخراتهم في شكل متقابل ويحسب التفوق لمن يحقق التحريك الأكثر إيحاءا بصور جنسية.

تراث مشوه

الممثل الإماراتي ونائب رئيس القسم الثقافي في صحيفة البيان مرعي الحليان قال" إن فن الـ (معلاية) له عمق تاريخي في التراث الفني الإماراتي، ويؤدى في حفلات الأعراس، ولكنه لم يكن بالشكل الحالي إذ كان يؤدى بصورة معقولة من الرقصات التراثية، وإن ما حصل الآن هو إدخال تطويرات خطيرة عليها من قبل فئة من الناس غالبيتهم من الشباب، تتفق توجهاتهم وميولهم مع ميول ما يسمون بـ (عبدة الشيطان) الذين ينغمسون في شهواتهم بحدة وشذوذ".
 ويضيف الحليان لـ "إيلاف" بأن رقصات الـ(معلاية) أصبحت أكثر نزعه تجاه الإباحية، وموقف الإماراتيين مماثل لمواقف غيرهم من حيث الانبهار بما يروجه مؤدي رقصات الـ (معلاية) و(دقني) الحالية. وأن فرق الـ (معلاية) الأصلية لازالت تحضر حفلات الأعراس بثوبها القديم. ويضيف الحيان "الغريب في الأمر أن من عمل على تطوير الـ(معلاية) بشكلها السافر ليس له علاقة بفرقة المعلاية الأصلية".
 ويؤكد الحيان على أن الصحافة الإماراتية لم تعالج ظاهرة انتشار الرقصات الإيحائية المصاحبة لهذا اللون المستحدث، مضيفا بأن أغاني الـ(معلاية) تناولت خلال السبعينات قضايا سياسية إذ كتبت لها كلمات حول معاهدات السلام والقضية الفلسطينية وأنور السادات.

الفنانة أحلام

من جانبها قالت الفنانة الإماراتية أحلام لـ"إيلاف" إن رقصات الـ(معلاية) المنتشرة في صورة فاضحة لا تمت للتراث الفني الإماراتي، وأن رقصاتها مفبركة وحملت إساءة للتراث الإماراتي الأصلي.
 وترى أحلام أن رقصات الـ(معلاية) أو (دقني) تستحق التصدي بطرق مدروسة، مستدركة بأن جمعيات  التراث الإماراتية لم تقصر في الحضور والتعريف بالتراث الفني الإماراتي، إلا أنه في عصر البلوتوث يصعب محاربة مثل هذه التطورات ما لم تكن على أساس مدروس.
 مؤكدة على أن إيقاع الأغاني وألحانها هو نفس والإيقاعات والألحان الأصيلة لهذا اللون، مضيفة بأنها لاحظت تجاهل وسائل الإعلام الإماراتية المرئية والمقروءة ظاهرة الرقصات الإيحائية، في ظل كثرت الحديث وعلو أصوات المعارضين في المجالس ومنتديات الانترنت لكنها تظن بأن والصحافة الإماراتية لم تتناول القضية.

مشكلني .. وراشد الماجد

بدورها قالت لـ "إيلاف" الشاعرة الغنائية هيفاء خالد أنه وبعد نزول البوم راشد الماجد ـ مشكلني ـ نشرت بعض المواد الصحفية وألمحت بأن الرقصة في (الفيديو كليب) مستوحاة من رقصة تسمى بـ(المعلاية) تشتهر في الأمارات وعمان.
 وقالت بأن هذا الفن كان يوصم بأنه رقص لفئة محدودة وقد تكون غير سوية وأن هذه المواد الصحفية دفعت بكثير من الفضوليين للبحث وراء لون الـ(معلاية)، وأن المقاطع التي انتشرت في البداية كانت تصور في الغالب في أعراس وأن أغلب الراقصات كن محجبات وكان الشباب يلبسون الثياب الخليجية وكان لها جمهور ولم تكن خاصة وكانت تصاحبها فرق شعبية ومن هنا أصبح لها رواج حتى في بعض القنوات التلفزيونية بعد البلوتوث.
 وساهم هذا في دخولها بين الأسر، حتى أصبحت جزء من أي حفلة عائلية يرقص فيها الكبير والصغير دونما التفات إلى المعنى حتى لو حمل مضمون غير أخلاقي ،ولا يجدون في ذلك حرج.
 مضيفة بأن الكاتب أنيس منصور عرف الرقص في إحدى كتاباته بـ(التعبير المهذب لرغبات غير مهذبة) إلا أن  مروجي لون الـ(معلاية) الحاليين تمادوا حتى أوصلوا الرقص إلى مراحل غير مهذبة.

من أين جاءت "المعلاية"

وبحسب بعض منتديات الانترنت الإماراتية فإن فن المعلاية نشأ في سلطنة عمان على رجل يدعى الشيخ ( رحل ) وتولت الفرقة بعده زوجته التي عرفت باسم رطرط وكانت مرجع لجميع متعاطي هذا اللون وأكثرهم من (أصحاب الهوى) بحسب وصف الموقع.
 وهناك رواية أخرى تقول بأن هذا الفن نشأ قبل نحو 200 عام على يد امرأة تدعى ( أم علاية) وهو تصغير لاسم ( علياء ) ولهذا أطلق عليها معلاية.
وتتكون فرق المعلاية من 20 إلى 30 فردا يسمى فيها القائد (البابا) أو (الماما) إذا كانت إمرأة. معظمهم من صغار السن وعدد من العجائز يجلسون على شكل حلقة يتوسطها ( المكوسرجي ) باللهجة الدارجة الذي يضرب على الطبل،  وفي منتصف الحلقة يجلس مغني الفرقة صاحب الصوت الشجي ويتولى الضرب على (دف) يسمى الرحماني.
 ويعتبر الرقص في فن المعلاية العمود الفقري، وتعتبر رقصة (مريح الناقة) من أهم الرقصات . ولفن الـ(معلاية) طقوسا منها (النقوط) وهي النقود التي ترمى على الراقصين مثلما يسميها أهالي الخليج، كما توزع علب السجائر على الفرقة تشجيعا لهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق