الأربعاء، 4 أكتوبر 2017

مناظرة بين الإمام أحمد و المعتزلة في حضور المعتصم ، و إفحامه إياهم أشد إفحام :



قال السجزي رحمه الله:
(أتيت إلى باب المعتصم وإذا الناس قد ازدحموا على بابه كيوم العيد، فدخلت الدار، فرأيت بساطاً مبسوطاً وكرسياً مطروحاً، فوقفت بإزاء الكرسي، فبينما أنا قائم فإذا المعتصم قد أقبل، فجلس على الكرسي، ونزع نعله من رجله، ووضع رجلاً على رجل ، ثم قال: يحضر أحمد بن حنبل؛ فأحضر، فلما وقف بين يديه وسلم عليه

قال له: يا أحمد تكلم ولا تخف

فقال أحمد: والله يا أمير المؤمنين لقد دخلت عليك وما في قلبي مثقال حبة من الفزع

فقال له المعتصم: ما تقول في القرآن؟

فقال: كلام الله، قديم غير مخلوق، قال الله عز وجل: "وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله"

فقال له: عندك حجة غير هذا؟

فقال أحمد: نعم يا أمير المؤمنين، قول الله عز وجل: "يس والقرآن الحكيم"، ولم يقل: يس والقرآن المخلوق

فقال المعتصم: احبسوه

فحبس وتفرق الناس، فلما أصبحتُ قصدتُ الباب، فأدخل الناس فأدخلت معهم، فأقبل المعتصم وجلس على كرسيه، فقال: هاتوا أحمد بن حنبل؛ فجيء به، فلما أن وقف بين يديه قال له المعتصم:

كيف كنت يا أحمد في محبسك البارحة؟

فقال: بخير والحمد لله، إلا أني رأيت يا أمير المؤمنين في محبسك أمراً عجباً

قال له: وما رأيت؟

قال: قمتُ في نصف الليل فتوضأت للصلاة، وصليت ركعتين، فقرأت في ركعة "الحمد لله"، و"قل أعوذ برب الناس"، وفي الثانية "الحمد لله" و"قل أعوذ برب الفلق"، ثم جلست وتشهدت وسلمت، ثم قمت فكبرت وقرأت "الحمد لله" وأردت أن أقرأ "قل هو الله أحد"، فلم أقدر، ثم اجتهدت أن أقرأ غير ذلك من القرآن فلم أقدر، فمددت عيني في زاوية السجن، فإذا القرآن مسجَّى ميتاً، فغسلته وكفنته وصليت عليه ودفنته !

فقال له: ويلك يا أحمد، والقرآن يموت؟

فقال له أحمد: فأنت كذا تقول إنه مخلوق، وكل مخلوق يموت

فقال المعتصم: قهرنا أحمد، قهرنا أحمد

فقال ابن أبي دؤاد وبشر المريسي (كبار شيوخ المعنتزلة) : اقتله، حتى نستريح منه

فقال: إني قد عاهدت الله أن لا أقتله بسيف ولا آمر بقتله بسيف

فقال له ابن أبي دؤاد: اضربه بالسياط؛ فقال: نعم

ثم قال: أحضروا الجلادين؛ فأحضروا

فقال المعتصم لواحد منهم: بكم سوط تقتله؟

فقال: بعشرة يا أمير المؤمنين؛ فقال: خذه إليك

قال سليمان السجزي: فأخرج أحمد بن حنبل من ثيابه، وائتزر بمئزر من الصوف، وشدَّ في يديه حبلان جديداً، وأخذ السوط في يده، وقال: أضربه يا أمير المؤمنين؟

فقال المعصتم: اضرب؛ فضربه سوطاً

فقال أحمد: الحمد لله

وضربه ثانياً، فقال: ما شاء الله كان

فضربه ثالثاً: فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

فتقدم إليه ابن أبي دؤاد وقال له: يا أحمد، قل في أذني إن القرآن مخلوق حتى أخلصك من يد الخليفة

فقال له أحمد: يا ابن أبي دؤاد، قل في أذني إن القرآن كلام الله غير مخلوق، حتى أخلصك من عذاب الله عز وجل).


الشيخ محمد أبو زهرة (الوحدة الإسلامية) أو (المذاهب الإسلامية) .

قال الإمام علي بن المديني - و هو أحد شيوخ البخاري - : : " إن الله أعز هذا الدين برجلين ، أبو بكر الصديق يوم الردة و أحمد بن حنبل يوم المحنة "

قال أحمد بن إبراهيم الدورقى من سمعتموه يذكر أحمد بن حنبل بسوء فاتهموه على الإسلام.


قال سيار: لقد قام هذا الرجل – يعني الإمام أحمد – مقام النبيين والصدقين .

وقال عنه بشر بن الحارث: لو لا هذا الرجل – يعني الإمام أحمد – لكان العار علينا إلى يوم القيامة .

وقال أبو عمر بن النحاس - وذكر أحمد يوماً – فقال: رحمه الله في الدين ما كان أبصره ، وعن الدنيا ما كان أصبره ، وفي الزهد ما كان أخبره ، وبالصالحين ما كان ألحقه ، وبالماضين ما كان أشبهه ، عرضت عليه الدنيا فأباها ، والبدع فنفاها .

وقال الميموني : قال لي علي بن المديني - بعد ما امتحن أحمد - يا ميمون ما قام أحد في الإسلام ما قام أحمد بن حنبل .
فعجبت من هذا عجباً شديداً وذهبت إلى أبي عبيد القاسم بن سلام فحكيت له مقالة علي بن المديني فقال : صدق ، إن أبا بكر وجد يوم الردة أنصاراً وأعواناً، وإن أحمد بن حنبل لم يكن له أنصار ولا أعوان .

قال أبو بكر الأثرم : كانوا أصحابنا يرون مقام أبي عبد الله - أحمد بن حنبل – في المحنه ، كمقام أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، في الرِدة .

قال بشر بن الحارث : محنة أحمد في وحدته وغربته في وقته ، مثل محنة أبي بكر الصديق في وحدته وغربته في وقته .

قال أبو زرعة : لما أُمتحن الإمام أحمد أرتفع ذكره في الآفاق .

قال بشر بن الحارث لما سؤل عن الإمام أحمد : أنا أُسأل عن أحمد ؟!! إن أحمد أُدخل الكير فخرج ذهباً أحمر .



قال ميمون بن الأصبغ : لما ضرب الجلاد سوطاً قال الإمام أحمد : بسم الله
ولما ضرب الثاني قال أحمد : لا حول ولا قوة إلا بالله
فلما ضرب الثالث قال : القرآن كلام الله غير مخلوق
فلما ضرب الرابع قال : ( لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا )
فضربه 29 سوطا

قال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل : كنت كثيراً أسمع والدي يقول : رحم الله أبا الهيثم ، غفر الله لأبي الهيثم ، عفى الله عن أبا الهيثم
فقلت : يا أبتي من أبو الهيثم ؟
فقال : ما تعرفه ؟
قلت : لا
قال : أبو الهيثم في اليوم الذي خرجت فيه للسياط ومدت يداي للجلد ، إذا أنا بإنسان يجذب ثوبي من ورائي ويقول لي : تعرفني ؟ قلت : لا
قال : أنا أبو هيثم اللص ، ومكتوب في ديوان أمير المؤمنين أني ضُربت 18 ألف سوطٍ بالتفاريق ، وصبرت على ذلك في طاعة الشيطان لأجل الدنيا ، فالصبر في طاعة الرحمن لأجل الدين .


و أنقل لكم من كتاب طبقات الشافعية الكبرى للإمام السبكي الشافعي :


قَالَ المزني : أَبُو بكر يوم الردة ، وعمر يوم السقيفة ، وعثمان يوم الدار ، وعلى يوم صفين ، وأَحْمَد بْن حنبل يوم المحنة.

قَالَ أَبُو مسهر : وقد قِيلَ لَهُ : هل تعرف أحدا يحفظ عَلَى هَذِهِ الأمة أمر دينها ؟ قَالَ : لا أعلمه إلا شاب فِي ناحية المشرق ، يَعْنِي : أَحْمَد بْن حنبل.

وعن إسحاق : أَحْمَد حجة بين اللَّه وخلقه.

,,,,,,,,,,,,
كان القاضي أحمد بن أبي دواد من رءوس المعتزلة، وكان معظـَّمـاً عند المأمون، يقبل شفاعتـَه ويـُصغي إلى كلامه. وهو الذي دسَّ للمأمون القول بخلـْق القرآن، وحسـّنه عنده، وصيـّره يعتقده حقـّا مبينـاً، إلى أن أجمع رأيه على الدعاء له، وامتحان العلماء فيه.‏ ‏ ثم سار المعتصم فالواثق سيرة المأمون في هذه الفتنة. ويـُروى أن الخليفة الواثق أُتـِيَ إليه بشيخ مقيـّد يقول بقدم القرآن ليمتحنه. فلما أُدخل قال:‏ ‏ السلام عليك يا أمير المؤمنين.‏ ‏ فقال الواثق:‏ ‏ لا سلـَّم الله عليك.‏ ‏ قال الشيخ:‏ ‏ يا أمير المؤمنين، بئس ما أدّبك به مؤدبك. قال الله تعالي: (وإذا حـُيـِّيتم بتحيـَّة فحيُّوا بأحسنَ منها أو رُدُّوها). والله ما حيـَّيتني بها ولا بأحسن منها.‏ ‏ فقال ابن أبي دواد:‏ ‏ يا أمير المؤمنين، هذا رجل متكلم.‏ ‏ قال الواثق: كـَلـِّمـْه.‏ ‏ فقال:‏ ‏ يا شيخ، ما تقول في القرآن: مخلوق هو أو غير مخلوق؟‏ ‏ قال الشيخ:‏ ‏ أنا أسألك قبل:‏ ‏ فقال له: سـَلْ.‏ ‏ قال الشيخ:‏ ‏ ما تقول في القرآن؟‏ ‏ فقال: مخلوق.‏ ‏ قال الشيخ:‏ ‏ هذا شيء عـَلـِمـَه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعليّ، أم شيء لم يعلموه؟‏ ‏ قال ابن أبي دواد:‏ ‏ شيء لم يعلموه.‏ ‏ فقال:‏ ‏ سبحان الله! شيء لم يعلمه النبي ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا عليّ، عـَلـِمـْتـَه أنت؟!‏ ‏ فخجل ابن أبي دواد، وقال: أَقـِلـْني.‏ ‏ قال: والمسألة بحالها؟‏ ‏ قال: نعم.‏ ‏ قال: ما تقول في القرآن.‏ ‏ قال: مخلوق.‏ ‏ قال: هذا شيء عـَلـِمه النبي والخلفاء الراشدون أم لم يعلموه؟‏ ‏ قال: علـِمـُوه.‏ ‏ قال: هل دعوا الناس إليه كما دعوتهم أنت أو سكتوا؟‏ ‏ قال: بل سكتوا.‏ ‏ قال الشيخ: فهلاّ وَسـِعـَكَ ما وَسـِعـَهم من السكوت؟!‏ ‏ فقام الواثق ودخل مجلس الخـَلوة واستلقى على قفاه، ووضع إحدى رجليه على الأخرى وهو يقول: هذا شيء لم يعلمه النبي ولا الخلفاء الراشدون، علمته أنت؟ سبحان الله، هذا شيء علمه النبي والخلفاء الراشدون ولم يدعوا الناس إليه، أفلا وسعك ما وسعهم؟!‏ ‏ ثم دعا الحاجب، وأمره أن يرفع عن الشيخ قيوده، ويـُعطيـَه أربعمائة دينار. وسقط من عينه ابن أبي دواد، ولم يمتحن بعد ذلك أحداً. ‏

من كتاب "تاريخ بغداد" للخطـيب البغدادي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق